منتدى اسامة البقارالمحامى
منتدى اسامة دسوقى البقار يرحب بكم
منتدى اسامة البقارالمحامى
منتدى اسامة دسوقى البقار يرحب بكم
منتدى اسامة البقارالمحامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء
بسم الله الرحمن الرحيم (( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي )) صدق الله العظيم ................. انة فى يوم الخميس الموافق التاسع من صفر عام 1432 من الهجرة الموافق 13/1/2011 من الميلاد توفى الى رحمة اللة الحاج دسوقى عمر البقار عظيم عائلة البقار بالجيزة ...................... فان للة وانا الية راجعون ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, والدى العزيز جفت الدموع من العيون ولكن اعلم انا قلبى ماذال ينزف دماء يا حبيبى الى يوم الدين
قصة إبراهيم عليه السلام  Support
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
المواضيع الأخيرة
» علم المواريث .. كل شئ عن حساب المواريث في دقائق .. وبمنتهى السهولة
قصة إبراهيم عليه السلام  I_icon_minitimeالخميس 01 يناير 2015, 1:01 pm من طرف نادى الريان

» حكم استانف هام في الغاء ضريبة كسب العمل
قصة إبراهيم عليه السلام  I_icon_minitimeالخميس 01 يناير 2015, 12:58 pm من طرف نادى الريان

»  دورة كاملة فى صياغة العقود
قصة إبراهيم عليه السلام  I_icon_minitimeالثلاثاء 30 أبريل 2013, 5:19 pm من طرف taha15

» برنامج المكتبه القانونيه " المرجع القانونى " جديد 8 ميجا فقط
قصة إبراهيم عليه السلام  I_icon_minitimeالأربعاء 20 فبراير 2013, 12:32 pm من طرف ناجى رضوان

»  برنامج الفرعون لآداره مكاتب المحامون
قصة إبراهيم عليه السلام  I_icon_minitimeالثلاثاء 19 فبراير 2013, 3:07 pm من طرف ناجى رضوان

» صيغــــة عقد بيع بالتقسيط
قصة إبراهيم عليه السلام  I_icon_minitimeالأربعاء 24 أكتوبر 2012, 4:50 pm من طرف remon.gamil

» صيغ دعاوى متنوعة
قصة إبراهيم عليه السلام  I_icon_minitimeالإثنين 09 يوليو 2012, 4:52 am من طرف خالدعبدالنبي

» بحث شامل عن نفقة الزوجية وابطالها وزيادتها وتخفيضها والتحرى عن دخل الزوج
قصة إبراهيم عليه السلام  I_icon_minitimeالأحد 01 يوليو 2012, 11:20 pm من طرف aroma

» استئناف نفقة متعة
قصة إبراهيم عليه السلام  I_icon_minitimeالإثنين 18 يونيو 2012, 5:04 pm من طرف على محمد

المواضيع الأكثر شعبية
المواضيع الأكثر شعبية

صيغ دعاوى متنوعة

بحث كامل عن الغش التجاري في المجتمع الإلكتروني

استئناف نفقة متعة

حكم نقض هام في الغاء ضريبة كسب العمل

الوعد بالبيع

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 267 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 267 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 381 بتاريخ الثلاثاء 05 نوفمبر 2024, 8:58 pm
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 706 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو نادى الريان فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 4063 مساهمة في هذا المنتدى في 3244 موضوع
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
اسامة البقار - 2764
قصة إبراهيم عليه السلام  Vote_rcapقصة إبراهيم عليه السلام  Voting_barقصة إبراهيم عليه السلام  Vote_lcap 
الافوكاتو حنان - 381
قصة إبراهيم عليه السلام  Vote_rcapقصة إبراهيم عليه السلام  Voting_barقصة إبراهيم عليه السلام  Vote_lcap 
محمود دسوقى - 319
قصة إبراهيم عليه السلام  Vote_rcapقصة إبراهيم عليه السلام  Voting_barقصة إبراهيم عليه السلام  Vote_lcap 
محمود المصرى - 130
قصة إبراهيم عليه السلام  Vote_rcapقصة إبراهيم عليه السلام  Voting_barقصة إبراهيم عليه السلام  Vote_lcap 
رجب اللولى - 45
قصة إبراهيم عليه السلام  Vote_rcapقصة إبراهيم عليه السلام  Voting_barقصة إبراهيم عليه السلام  Vote_lcap 
حسين عبداللاهي احمد - 17
قصة إبراهيم عليه السلام  Vote_rcapقصة إبراهيم عليه السلام  Voting_barقصة إبراهيم عليه السلام  Vote_lcap 
احمدف - 7
قصة إبراهيم عليه السلام  Vote_rcapقصة إبراهيم عليه السلام  Voting_barقصة إبراهيم عليه السلام  Vote_lcap 
سلم محمد - 7
قصة إبراهيم عليه السلام  Vote_rcapقصة إبراهيم عليه السلام  Voting_barقصة إبراهيم عليه السلام  Vote_lcap 
محمود حافظ خالد - 7
قصة إبراهيم عليه السلام  Vote_rcapقصة إبراهيم عليه السلام  Voting_barقصة إبراهيم عليه السلام  Vote_lcap 
حريتى - 7
قصة إبراهيم عليه السلام  Vote_rcapقصة إبراهيم عليه السلام  Voting_barقصة إبراهيم عليه السلام  Vote_lcap 
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
التسجيل
  • تذكرني؟

  •  

     قصة إبراهيم عليه السلام

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    اسامة البقار
    المدير العام

    المدير  العام
    اسامة البقار



    قصة إبراهيم عليه السلام  Empty
    مُساهمةموضوع: قصة إبراهيم عليه السلام    قصة إبراهيم عليه السلام  I_icon_minitimeالإثنين 17 يناير 2011, 2:57 pm

    قصة إبراهيم عليه السلام



    <BLOCKQUOTE class="postcontent restore " align="right">((رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ
    وارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ))[إبراهيم:37]
    د.حمدي شعيب
    من خلال هذه اللمحة القرآنية التاريخـيـــة يرنـو المسلم بفكره، ويتذكر تاريخ تلك العائلة المباركة، ويسمع الخليل إبراهيم عليه الســلام وهو يتجه إلى ربه معلناً أنه قد أسكن بعض أهله بهذا الوادي المجدب المقفر المجاور لبـيت الله الحرام، ويذكر الوظيفة التي أسكنهم في هذا الوادي الجدب ليقوموا بها، وهي إقامة الصلاة، وهي التي يتحملون من أجلها هذه المشقة، ثم دعا الحق سبحانه أن يرقق قلوب البشر، ويضع فيها حب هذا المكان، فتتشوق وتسرع، وتفد من كل فج، وأن يرزق أهل الـمـكــان الـخـيـر مع هؤلاء القادمين؛ ليتمتعوا، وليكونوا من الشاكرين.
    وهــو مـرتـكــز دعـوي يـوضــح أهمـيـة استشعار عمق جذور هذه الدعوة وبعدها التاريخي السحيق، ومعنى أن المسلم يردد في صلـواتـــه الخمس، ويؤكد على هذه الصلة القوية بين حلقات الدعوة : (اللهم صلِّ على محمد، وعـلـى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلـى آل مـحـمــد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)(1).
    ويـفـخـــر المسلم بأنه حلقة في سلسلة الخير؛ وذلك عندما يطّلع على ما ورد في معنى "آل محمد"، (قيل : هم من حرمت عليهم الصدقة من بني هاشم وبني عبد المطلب، وقيل : هم ذريـتـه وأزواجــــــه، وقيل : هم أمته وأتباعه إلى يوم القيامة، وقيل : هم المتقون من أمته)(2).
    علامة النضج :
    تنمية روح الارتباط بالفـكـرة: عـندما نستمر في قراءة التاريخ، من خلال سيرة تلك العائلة المباركة، ونتذكر كيف أن إبراهيم عليه السلام امتثل لأمر الله -عز وجل- ووحيه، وأخذ وحيده إسماعيل عليه السلام وزوجـتـه هاجر وذهب بهما إلى مكة، (وكانت مكة يومئذ لا نبت فيها ولا ماء)، وأنزلهما بمكة في موضع زمزم، ومضى لا يلوي على شيء. ودعا دعاءه الخاشع الراضي، وانصرف إلى أهله بالـشــــام، وترك هاجر وولدها الذي طالما دعا الله - سبحانه - أن يرزقه به. كم كانت تضحية كـبـيـرة! أبَعْدَ أن يُرزق الولد، ويراه بين يديه، وتقر عينه برؤيته، يُحرم منه وهو حي يرزق؟! والأعـجــــب من هذا أن يحرم منه طائعاً مختاراً نزولاً على أمر الله - عز وجل((3).
    من خلال هذه اللمحة التاريخية ندرك أن تلك العقبة أو الخطــوة الابتلائية في حياة أبي الأنبياء عليه السلام تمثل معلماً في طريق الدعاة، ولنا أن نسمـيـه ما شئنا : نسميه ابتلاء، نسميه تضحية، ولكن الأهم من ذلك أنه يمثل قمة النضج في حياة الإنسان عندما يصل إلى مرحلة الترتيب الصحيح لأولوياته، فتصبح الفكرة مقدمة على أي أمر أو مصلحة أو ارتباط آخر في حياته.
    فإذا كان الطفل يمر بمراحـل اجتماعية نفسية ثلاث هي : مرحلة التمحور حول الأشياء، ثـم مـرحـلــة الـتـمـحـــور حول الأشخاص، ثم مرحلة التمحور حول الأفـكـار. فـكـذلـك المجتمعات، تمر بالمراحل نفسها في تطورها الحضاري (4). فنحن نؤكد أن ذلك واقع أيضاً في حياة الداعية، وأن تـطــــوره الـتـربوي والدعوي يمر بالمراحل نفسها! حيث يبلغ قمة النضج، عندما يصبح تمحوره حول الفـكـرة التي يؤمن بها، والمبدأ الذي يحمله، ويتعدى مرحلة التأثر والتمحور حول الوسائل والأشـيـاء والـمـاديـات، ومـرحـلـــة التمحور حول الأشخاص.
    وتأمل تلك التضحية في سبيل الفكرة التي لا تمثل قمة النضج فقط، بل إن الموت في سبيلها كان من أعظم صور النصر، وذلك بانتصار الفكرة، حين مات الغلام على يد الساحر؛ كما جاء في قصة )الغلام والراهب((5). وتدبر مغزى هذا التوجيه الرباني، لخـيـر الأجـيــال، حينما أصابهم الخور عندما سرت إشاعة مقتله -صلى الله عليه وسلم- أثناء محنة أُحـُد؛ وذلك حتى يرتبطوا بالفكرة لا بالشخص ولو كان خير من وطئ الحصى -صلى الله عليـه وسـلــم- : ((ومَا مُحَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ومَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ))[آل عمران : 144].
    وتدبر أيـضــاً سنة الله - عز وجل - في هذا القانون الشاق، (قانون الخروج)، أو المرحلة التي لا بد منها، في طريق أصحاب الدعوات، والذي لفت إليه نظر الحبيب -صلى الله عليه وسلم- عــن طريق ورقة بن نوفل، في أول خطواته الدعوية، عندما )قال : يا ليتني فيها جذعاً - أي شاباً جلداً - إذ يخرجك قومك، قال : أو مخرجي هم؟! قال : لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودي((6).
    وتدبر كذلك قصة يوسف عليه السلام وما تمثله من نموذج للخروج والابتلاء قبل التمكين، ومغزى نزولها في الفترة الحرجة من عمر الدعوة بين عام الحزن، وبين بيعة العقبة الأولى، ثم الثانية، التي جـعـل فيهما الفرج والمخرج لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وللعصبة المؤمنة معه وللدعوة الإسلامية، بالخروج والهجرة إلى المدينة.
    وهو المعلم التربوي العظيم، الذي يوضح أن الداعية لا بد أن يعيد ترتيب أولوياته، ويدرك أن قمة النضج الدعوي، في حياة الدعاة، وأصحاب المبادئ، لا تكون إلا بالتطور والخروج بمعناه الراحب اللاحب، الـخروج من أسر الوسائل والأشياء والماديات، ومن التأثر بالشخصيات، إلى التمحور حول الفكرة التي يؤمن بها والمبدأ الذي يحمله.
    اعقلها... وتوكل :
    علامة توازن الحركة الدعوية : عندما صدع إبراهيم عليه السلام بأمر ربه، وترك هاجر ووحيدها، ومضى بعد أن وضع عندهما جراباً - وهو الوعاء الذي يحفظ فيه الزاد ونحوه فيه تمر، وسقاء : وهو القربة الصغيرة فيها ماء - فكانت هاجر تأكل التمر، وتشرب الماء، وترضع وليدها.
    وهذا السلوك العظيم في حياة الأنبياء والدعاة على مر التاريخ يوضح أن خلق التوكل على الله - عز وجل لا ينافي مبدأ الأخذ بالأسباب.
    وتدبر خطة الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو المعصوم، حينما هاجر من المدينة، وكيف أخذ كل الأسباب. وكذلك كان ديـدنـه -صلى الله عليه وسلم- في كل غزواته؛ بل وفي كل أموره.
    وضوابط التوكل عليه - سبحانه - وأهمها الأخذ بالأسباب، هذه الضوابط وردت في أكثر من وصية عنه -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث : )جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : يا رسول الله! أعقلها وأتـوكــل، أو أطـلـقـهـا وأتوكل؟ قال : )اعقلها وتوكل((7).
    وهـــذا المعلم الدعوي، أو الركيزة التربوية، توضح أهمية وجود التوازن في حركة الأفراد الدعويـة، بين جناحي الحركة الإيجابية، وهما : الأخذ بالأسباب الشرعية، ثم التوكل عليه - سبحانه .
    منارة... لا تنطفئ :
    الثبات على الحق : عندما مضى الخليل عليه السلام قافلاً إلى الشام بعد أن ترك هاجر لوليدها، )فتبعته أم إسماعيل، فقالت : يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت ذلك مراراً، وهو لا يلتفت إليها !!، فقالت : آلله الذي أمرك بهذا؟ قال : نعم. قالت : إذاً لا يضيعنا. ثم رجعت((Cool.
    تدبر هــــذا الموقف العصيب، وتلك التجربة المريرة، في حياة تلك الأسرة المؤمنة المباركة، وتدبر هـذه الزوجة البارة الصالحة الممتحنة، وهي تتعقب زوجها، وتصف له الوادي. وتدبر مغزى هذا الوصف لحالها : )فقالت ذلك مراراً، وهو لا يلتفت إليها !!
    ولـعـــــل وصف الحديث لعظمة هذا الموقف، ليس فقط في استجابة وامتثال الخليل عليه السلام لوحيه - سبحانه -، بل في بلوغه هذه القمة الشامخة في الثبات على الحق، رغم رجاء زوجته، مراراً. حقاً ((إنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً))[النحل : 120].
    وهذا الثبات، هو المعلم الدعوي البارز، والمنارة التي لا تنطفئ، تلك المنارة التي يشعلها السابقون للاحقين، على طريق الدعوة. وهو الإرث العظيم الذي يفخر به الأبناء السائرون على طريق الآباء والأجداد الهادين المهتدين، أولئك الرجال الصادقون الثابتون، الذين لم يبدلوا، إذ قصة إبراهيم عليه السلام  Frown(صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ ومِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ومَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً))[الأحزاب :23].
    عودة راضية... وانطلاق مطمئن :
    أهمية وجــــود البيت المسلم : وفي موقف هاجر وهي تتبع زوجها عليه السلام وتلح عليه مراراً، ثم قـنـاعـتـهــــا بما فعله الخليل عليه السلام عندما علمت أن هذا أمر من الله - سبحانه -، وقالت قولتها الخالدةقصة إبراهيم عليه السلام  Frownإذاً لا يضيعنا).
    تدبر هذا الموقف العصـيـب : زوجة ضعيفة، ووليد أضعف، بل ووحيد أبويه، يتركان في صحراء قاحلة، في واد لـيـس فـيــــه إنس ولا شيء! ثم يكون الاطمئنان، والقناعة بكلمة واحدة من زوجها عليه السلام عندما قال: (نعم) مجيباً على سؤالها الملهوف : (آلله الذي أمرك بهذا؟).
    وكم ينقص الدعاة العاملين، من تربـيـة وجـهــــد، حتى تصل أسرهم أو تتشبه بمثل تلك القمم، قبل أن ينطلقوا، كما انطلق الخليل عليه السلام؟!
    فالأم عندما تعرف وظيفتها الخالدة، وتعود لتـحـمـي الجـبـهــة الداخلية، راضية قانعة، عندها وعندها فقط يمكن للأب أن ينطلق مطمئناً.
    إن وجـود الأسرة المسلمة، وتلك الجبهة الداخلية الربانية، في حياة الدعاة، لهي من أهم الركائز والمعالم في طريق الدعوة.
    والحركـة الـدعـويـــة هي حركة مؤسسية جماعية، تعاونية تعاضدية، الفرد فيها يندمج اندماجاً كلياً، بنفسه وأهله؛ بل وفي كل شؤونه.
    وأي خلل فردي ما هو إلا علامة من علامات تضييع الثغور. فإذا ضاع ثغر، أصاب الخطر المجموع، كما يـصـيـب الـفـرد. لذا؛ فإن الخلل الفردي يسأل عنه الجميع! ويجب أن لا ينطلق الداعية خارجياً إلى مهامه الكبار قبل أن يرسي قواعد قلعته داخلياً، ويضع عليها من يحرسها عن رضى وقناعة.
    الركن الشديد :
    تنمية فن استطار التوفيق الالهـي : عـنـدما انطلق الخليل عليه السلام حتى إذا كان عند الثنية التي بأعلى مكة في طريق منى وعـرفــات وهو الموضع الذي دخل منه النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة وأصبح لا يرونه، استقـبــل إبراهيم عليه السلام بوجهه البيت، ثم دعا بهذه الكلمات قصة إبراهيم عليه السلام  Frown(رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِـيُـقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ وارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ))
    [ إبراهيم : 37].
    عندما يتأمل المسلم هذه الوقفة الإبراهيمية التربوية، بعد أن صدع بأمر ربه، وأخذ بأسباب معيشة هاجر وابنها، وبعد أن أجاب على تساؤل هاجر، وطمأنها، واقتنعت ورضيت، ثم اتجــه إلى الركن الشديد، إليه - سبحانه - معلناً أنه قد أسكن بعض أبنائه بهذا الوادي المجـــدب الـمـقـفـر المجاور لبيت الله الحرام، ذكر الوظيفة التي أسكنهم في هذا الوادي الجدب ليقوموا بهـــا، وهي إقامة الصلاة، وهي التي يتحملون هذه المشقة من أجلها، ثم دعا الحق - سبحانه - أن يرقـق قـلـوب الـبـشــر ويـضــع فيها حب هذا المكان، فتتشوق وتسرع، وتفد من كل فج، وأن يرزق أهـــــل المـكـــان الخير مع هؤلاء القادمين، ليتمتعوا، وليكونوا من الشاكرين.
    والتوفيق الإلهي هو الرصيد الأهم والمعلم الرئيس لأي حركة دعوية يقع على عاتقها إقامة مشروع الأمة الحضاري، وإيراده هنا حسب تسلسل القصة.
    وهو رصيد يميز أهل الحق وأصحاب الدعوات عن غيرهم مـــــن أهل الباطل، وهو الركن الشديد الذي يلوذ به كل رسول وكل داعية؛ خاصة أثناء لحظات الدعوة الحرجة، وبعد أن تنقطع كل السبل وتتهاوى في الأسناد، وبعد الاجتهاد في الأخذ بكل الأسباب. وتدبر موقفه -صلى الله عليه وسلم- وهو عائد حزين من الطائف، وهــــو يؤكد لزيد بن حارثة رضي الله عنه على أهمية هذا المعلم الأساسي والركيزة الأهم لأصحـــاب الدعوات قصة إبراهيم عليه السلام  Frownيا زيد! إن الله جاعل لما ترى فرجاً ومخرجاً، وإن الله ناصر دينه ومظهر نبيه)(9).
    لـذا؛ فإن الداعية مطالب باستشعار فضل القوة التي أنجت إبراهيم عليه السلام من النار، وموسى عليه السلام من فرعون، ويونس عليه السلام من بطن الحوت، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- في الغار وفي بدر وأثناء محنة حنين، وعليه أن يتذكر أنهم قد نجوا بالدعاء وطـلـب الـعــون مـنـــه - سبحانه - بعد الأخذ بالأسباب؛ وذلك حتى يكتمل تجردهم وخلوصهم من الركون إلى أي سبب دونه - جل وعلا- .
    فلا يصح للداعية أن تـكــون نظرته للأحداث محدودة المدى وقاصرة التفسير، فأقداره - سبحانه - دائمة الأحداث، ودائمة الحركة، ((لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً)) [الطلاق:1]، والوجود كله من طبيعته التغير والتبدل، حسب (سنة التداول الإلهية) التي كان لها الأثر الطيب على النفوس المؤمنة التي خرجت لتوها من المحنة العظيمة والمصيبة الكبرى في أحد ((وتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ))[آل عمران :140].
    والمؤمن دوماً يحدوه منهج الخليفة الخامس الراشد عمر بن عبد العزيز رضوان الله عليه - في التعامل مع أقداره - سبحانه - عندما سئل : ما تشتهي؟ قال : ما يقضي الله - عز وجل .
    ويغمره حسن الظن بربه، كـمـا وجهه الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: "قال الله - عز وجل - في الحديث القدسي قصة إبراهيم عليه السلام  Frownأنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث ذكرني)(10).
    وكذلك كان الخطاب القرآني واضحاً وصريحاً للمؤمنين، ليوجههم إلى حسن الظن بأقداره - سبحانه - فهي دوماً إلى خير ويسر قصة إبراهيم عليه السلام  Frown( سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً)) [الطلاق :7].
    لكل ثغرة... سامري :
    الدور التفقدي للقيادة والمتابعة المستمرة : وتذكر تلك اللمحة التاريخية أن الخليل عليه السلام استأذن سارة أن يذهب لزيارة هاجر وإسماعيل عليه السلام فأذنت له، وشرطت عليه ألا ينزل، فركب البراق، وتوجه نحو مكة، وقصد المكان الذي تركهما فيه، فوجد هاجر قد ماتت، ولم يجد إسماعيل عليه السلام فسأل امرأته عنه وعن أحوالهم، فأخبرته أن زوجها خرج للرزق، وشكت له سوء الحال، فأخبرها أن تقرئ زوجها السلام وأن يغير عتبة بابه، ففهم الابن أن والده قد زاره ويأمره أن يطلق زوجته ففعل، وفي الزيارة الثانية قابلته الزوجة الثانية بترحاب وأدب، ولم تشك سوء الحال، وأثنت على الله -سبحانه- وأحـسـنـت إلـى الأب، فـأخـبـرهــا أن تقرئ زوجها السلام، وتخبره أن عتبة بابـه قــد استقامت، ففهم الابن رسالة الوالد، وأنــه طمأنه على حاله وعلى أهله. من هذه اللمحة التربوية الإبراهيمية، ندرك أهمية الدور التفقدي الاجتماعي للأب، حيال أسرته، رغم بعد المسافات، ويتبين مدى الرقي في سلوك الخليل عليه السلام وهو يراعي شعور زوجته سارة، وهو يستأذنها، ويراعي الطبيعة البشـريـة، وغريزة الغيرة، ولم يمنعه ذلك من أن يتفقد باقي أحوال الأسرة الطيبة المباركة - عليهم السلام - جميعاً.
    ونحن نتجاوز هذا المعنى القريب، إلى المجال الأوســـع، إلـى مــا يهمنا في هذا البحث المتواضع، وهو مدى أهمية الدور التفقدي للقيادة لكل الأفراد، وأن لا تحابي أحداً على حساب أحد.
    ويتبين مدى أهمية المتابعة لكل الأفراد، ولو كان في ذلك مشقة، حتى ولو كان هناك من الأمور العظيمة، التي تشغلها؛ فالتوازن بين الواجبات مطلوب.
    ولـقــد كــان هذا الدور من الأركان البارزة في سيرته -صلى الله عليه وسلم- ومـنـهـجــه التربوي، سواء في المجال الاجتماعي الحياتي، أو في المجال العسكري.
    وتدبر موقفه عندما زوج -صلى الله عليه وسلم- جليبيباً الأنصاري من إحدى بنات بني الحارث بن الخزرج - رضي الله عنهم - دعا لزوجه دعاء طيباً قصة إبراهيم عليه السلام  Frownاللهم صب عليها الخير صباً صباً ولا تجعل عيشها كداً كداً). ثم افتقده في إحدى المغازي له فقالقصة إبراهيم عليه السلام  Frownهل تفقدون من أحد؟ قـالـــوا : نفقد فلاناً ونفقد فلاناً ونفقد فلاناً. ثم قال : هل تفقدون من أحد؟ قالوا : نفقد فلاناً ونـفـقــد فـلانـــاً. ثم قال : هل تفقدون من أحد؟ قالوا : لا. قال : لكني أفقد جليبيباً، فاطلبوه في القـتلى. فـنـظــروا فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم، ثم قتلوه. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : هـــذا مني وأنا منه، أقتل سبعة ثم قتلوه؟ هذا مني وأنا منه، أقتل سبعة ثم قتلوه؟ هذا مني وأنــا مـنـه. فوضعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ساعديه ثم حفروا له، وما له سرير إلا ســاعدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى وضعه في قبره. قال ثابت : فما في الأنصار أيم أنفق منها)(11).
    هذا الدور القيادي من الخطورة بمكان؛ ليس على الأفراد المعنيين فقط، بل على المجموع.
    وتدبر هذه الحادثة المشهورة التي حدثت أثناء الاسـتـعــداد لغزوة (تبوك)، حيث حكى كعب بن مالك -رضوان الله عليه - عن هذه القاصمة قائلاقصة إبراهيم عليه السلام  Frownولم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة، فغزاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حر شديد، واستقبل سفراً بعيداً ومفازاً، واستقبل عدداً كثيراً، فجلَّى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجههم الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كثير ولا يجمعهم كتاب حافــظ - يريد بذلك الديوان - قال كعب : فقلَّ رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى بــــه ما لم ينزل فيه وحي من الله) (12) فتأمل هذا الموقف الذي شعر به هذا الصحابي الجلـيـل : فالعدد كثير، وليس هناك كتاب، مما يشعر المرء بأنه ليس هناك من يلاحظ تغيبه، ويـتـابـعــه، ولكن وجود المربي الواعي المتفقد كان العاصمة التي قال عنها كعب رضي الله عنه قصة إبراهيم عليه السلام  Frownولـم يـذكـرنـي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بلغ تبوك، فقال - وهو جالس في القوم بتبوك: ما فعل كعب بن مالك؟) (13).
    لـهــــذا لم يـعـبـث الـمـبـطـلون بتركته -صلى الله عليه وسلم-، ولم يتعرض قومه لغواية الشياطين، ولم يجد الـسـامـريـون أي ثغرة ليدخلوا منها إلى الصف، كما حدث مع موسى عليه السلام.
    وعلى الداعية، أن يحذر السامريين، فيهتم بالتوازن بين الواجبات الملقاة على عاتقه،نحو دعـوتــــه وأهله ونفسه، فلا ينشغل بجانب على حساب الآخر، لأن كل واجب إنما هو ثغرة، ولـكــل ثـغــــــرة سامري يتربص بها إذا انشغل أو غاب عنها، ولم تشفع له نيته الحسنة، ولا سمو المهمة التي شغلته عنها، أن يضع نفسه في موقف المؤاخذة والحساب.
    الشرط النوعي... الرواحل :
    من فقه المرحلة... اختيار افرادها: قد طلب الخليل من إسماعيل - عليهما السلام - في زيارته التفقدية الأولى أن يطلق زوجته الأولى، وطلب منه أن يبقي معه زوجته الثانية في زيارته الثانية.
    من خــلال هــذه الصفـحـــة الناصعة من سيرة تلك الأسرة المباركة، يتبين لنا عدة ملامح تربوية: منها مدى العلاقة الـقــويـــــة بين أفراد تلك الأسرة المباركة، ومنها مدى الحب والود والرعاية التي يكنها الوالد لولـــده، ومدى الاحترام والطاعة من الابن تجاه الأب، وعظم مقدار الثقة المتبادلة بين الوالد وولده.
    وكذلك نتبين الملمح التربوي العظيم، وهو أن هذه الأسرة مقبلة على مرحلة عظيمة تتطلب نوعية معينة من الأفراد، للقيام بها والمشاركة في صنعها، وتحمل أعبائها.
    وعندما يدرك الداعية عظم المهمة الملقاة على عاتقه، عليه أولاً وقبل أن يرفع يديه بالدعاء العظيم قصة إبراهيم عليه السلام  Frown( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِــنـَـــا وذُرِّيَّــاتِـنَـــــا قُرَّةَ أَعْيُنٍ واجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إمَاماً)) [الفرقان:74]، عليه أن يدرك خطورة الاختيار، اخـتـيـــار المشاركين معه المهمة الإمامة والقيادة للبشر، فيدقق في اختيار من ستشاركه الطريق، بل ويدرك مسؤوليته في اختيار من سيشاركن ذريته مسؤولية أن يكونوا للمتقين إماماً، ويرى كما )رأى إبراهيم عليه السلام أن هذه المرأة لا تصلح أن تكون زوجة لنبي رسول يُعد لأن يـســود ويقود ويربي أهله وأولاده والناس من حوله، فالزوجة التي تطيل الشكوى، وتكثر الـتـبـرم لا يمكنها أن تكون عوناً لزوجها على المهمات الكبار التي يُعد لها((14).
    أمــــا بالنسـبـة للمجال الدعوي، فهي القضية نفسها بالنسبة للداعية، فإذا أدرك مهمته والدور الملقى عـلـى عاتقه، فإن من فقه الطريق أن يهتم ببناء العلاقة القوية داخل الصف التي لا تقوم حتى يدرك كل فرد دوره المطلوب، ثم يؤديه بفاعلية ورغبة، وهذا بدوره لا يتم حتى تشيع روح البذل والعطاء الذي يرويه وينميه ماء الثقة بين الأفراد.
    ومن فقه المرحلية: أولاً : أن يركز على (الشرط النوعي)، بأن يدقق في اختيار نوعية أفراد كل مرحلة، ورجــــــال كل مهمة، أولئك الرجال الذين يكثرون عند المغرم، ويقلون عند المغنم، أولئك الرجال الذين يطمعون في إنجاز معالي الأمور، )وهم الذين يبحث عنهم عمر بن الخطاب رضي الله عـنــه حين قال لجلسائه : تمنوا! فتمنى كل واحد أمنيته، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ولكني أتمنى بيتاً مملوءاً رجالاً مثل أبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة؛ إن سالماً كان شديداً في ذات الله ولو لم يخف الله ما أطاعه((15).
    نعم لا بد من الرجال، فمن اسـتـعـــــان بصغار رجاله على كبار أعماله ضيع العمل(16)، فالأعمال الكبار يطلب لها كبار الرجال. قال رجل لعبد الله بن عباس رضي الله عنه : أتيتك في حاجة صغيرة، قال : فاطلب لها رجلاً صغيراً "(17) (18).
    فالطريق طويل، والسفر موحش، والكـيـد الشـيـطـاني منظم ومركب، ولا يطيق التحدي إلا الرواحل، تلك النوعية المنشودة، والعملة النادرة،(إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة)(19).
    إيجابية منضبطة :
    المؤمنون سـتـار لـقـدر الله قصة إبراهيم عليه السلام  Frown( وَإذْ بَوَّاًنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَاًتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَاًتِينَ مِن كُــلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَـهِـيـمَــةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ))[الحج:26-29].
    بتوجيه منه - سبحانه - وبإعانة وتوفيق إلهي كانت البداية، وكان التكليف، بأن ينشأ هذا البيت على يد إبراهيم عليه السلام، حيث عرَّفه الحق - سبحانه - مكانه، كما ورد في بعض الروايات عن طـريـــق جبريل عليه السلام وملكه أمره ليقيمه على أساس قاعدة التوحيد، فيكون خالصاً له - سبحانه - وحده، وأن يجهزه تجهيزاً خاصاً، بأن يطهره من الشرك، وأن يجعله للناس جـمـيـعـــــاً، لكل الناس، سواء المقيم فيه والطارئ عليه، فيخصص للطائفين به والقائمين لله فيه.
    ثم أمره بعد ذلك أن ينادي في الناس بالحج وأن يدعوهم إلى بيت الله الحرام، ووعده أن يلبي الناس دعوته، فيأتوا من كل طريق بعيد، مشاة على أرجلهم، وركوباً على كل بعير مهرول من بعد المشقة.
    وما زال وعد الله يتحقق إلى اليوم والغد. وما تزال أفئدة من الناس تهوي إليه، تلبية لدعوته عليه السلام منذ آلاف الأعوام.
    ونستطيع أن نستشف هذا التفاعل من الآتي : أنه - سبحانه - أوحى إلى إبراهيم عليه السلام أن يسكن ذريته في هذا المكان القريب من البيت الحرام بالذات، فقام الخليل عليه السلام بنقل هاجر وابنها بجهده البشري.
    ثم أراد الحق - سبحانه - أن يعمر هذا المكان بالبشر فكان جهاد هاجر من أجل الماء، ثم تفجر ماء زمزم.
    ثم أراد الحق - جل وعلا - أن يُعد هذه الأسرة لمهمة عظيمة، يتوارث آثارها الأجيال، فكان تفقد إبراهيم عليه السلام لأسرته، وأمره ولده أن يعيد اختيار الزوجة التي ستشاركهم، هذا العمل الكبير.
    ثم أراد - سبحانه - أن يُبنى البيت، فدل إبراهيم عليه السلام على مكانه، فقام الخليل وإسماعيل - عليهما السلام - بالبناء.
    وعندما أراد الحق - سبحانه - إعمار هذا البيت أمر إبراهيم عليه السلام أن يقوم بدوره فيؤذن، وينادي في الناس، ويدعوهم. ووعده الحق - سبحانه - أن الناس من كل مكان وفي كل عصر سيلبون ذلك النداء الجليل. لذا يتبين لنا أن إرادة الله - عز وجل - لتحقيق عمل ما تقوم على دعامتين أساسيتين ومتلازمتين :
    1- المدد الإلهي.
    2- الجهد البشري.
    لأن (الله - سبحانه - يساعد من يجاهد للهدى قصة إبراهيم عليه السلام  Frown( والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا))[العنكبوت : 69]، وأنه يغيير حال الناس حين يغيرون ما بأنفسهم، وأنه لا يغير ما بهم حتى يغيروا ما بأنفسهم قصة إبراهيم عليه السلام  Frown( إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد : 11]،، وأن هناك علاقة بين الجهد البشري الذي يبذله الناس، وعون الله ومدده الذي يسعفهم به، فيبلغون به ما يجاهدون فيه من الخير والصلاح والفلاح، وأن إرادة الله هي الفاعلة في النهاية، وبدونها لا يبلغ الإنسان بذاته شيئاً، ولكن هذه الإرادة تعين من يعرف طريقها، ويستمد عونها ويجاهد في الله ليبلغ رضاه. وقدر الله - مع هذا كله - هو الذي يحيط بالناس والأحداث، وهو الذي يتم وفقه ما يتم من ابتلاء، ومن خير يصيبه الناجحون في هذا الابتلاء)(20).
    فتدبر دور قدر الله - سبحانه - في ناموس التغيير التاريخي، والتحول الحضاري، وهو دور لا يلغي دور البشر؛ بل يضبط حركته الإيجابية، فيتوافق ويتناغم معه.
    ركيزة التجميع :
    الاهتمام بدور الإرادة الربانية : لقد أمر الحق - سبحانه - الخليل عليه السلام أن يحدد الغاية المرادة من إقامة هذا البيت قصة إبراهيم عليه السلام  Frown( أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ))[الحج : 26]، ((وعَهِدْنَا إلَى إبْرَاهِيمَ وإسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ والْعَاكِفِينَ والرُّكَّعِ السُّجُودِ)) [البقرة : 125].
    أي أن يقوم هذا العمل العظيم الخالد على التوحيد الخالص، فيبنى البيت الحرام على اسمه - تعالى - وحده، وأن يُطهر من الشرك بلا إله إلا الله، ويكون خالصاً لهؤلاء الذين يعبدون الله وحده لا شريك له، أولئك الذين يأتون من غربة، والمقيمون فيه، والمصلون.
    من هذه اللمحة التاريخية، نعلم أن القضية العظيمة التي أرادها الحق - سبحانه - وذلك بعد أن بين مكان البيت باعتبارها نقطة انطلاق هي توحيده - سبحانه- ..
    فالتوحيد هو الأمر الرباني، الذي من شأنه أن يجمع البشر، كل البشر، ويوحد الناس، كل الناس.
    كانت البداية هي أن تنبعث تلك الفكرة العظيمة، من قلب رجل عظيم، فيتحرك بها، ويحرك بها غيره.
    وهذه هي سنة الله - عز وجل - في نشوء الأعمال العظيمة، بل وفي بناء الحضارات الإنسانية.
    وهو دور الفكرة، والمنهج في التغيير الحضاري، وناموس الحركة التاريخية.
    فالأفكار لها أهميتها، ووظيفتها الحتمية في بناء الحضارة الإنسانية.
    وذلك لأن )أيــة أمة من الأمم لا بد أن تنطلق في دربها الحضاري من مجموعة من الأفكار، وسلوك الأفراد فـي مجـتـمـــع من المجتمعات ما هو إلا الترجمة العملية لما يؤمنون به من أفكار، ولهذا السبب نجد أن المجتمعات تسمو وتنمو أو تنحط أو تبيد تبعاً لطبيعة الأفكار التي يعتنقها أبناؤها، والـفـكـــــرة لا بد لها - لكي تفعل فعلها - من جهد بشري مكافئ يترجمها إلى فعل. ولا بد من عامــــل ثالث مكمل لهما، وهو أن تكون الفكرة قابلة للتنفيذ العملي، أي أن تكون موافقة لسنة أو قانــون مـن الـسـنـن الـتي فـطـــر الله عـلـيـهـا أمور الخلق((21).
    الهوامش :
    (1) أخرجه مسلم في الصلاة (406).
    (2) فقه السنة : سيد سابق، طبعة دار الكتاب العربي، 1 /153.
    (3) نظرات في أحسن القصص : د. محمد السيد الوكيل، 1/185 - 186 بتصرف.
    (4) مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي : مالك بن نبي طبعة دار الفكر، 26 - 40 بتصرف.
    (5) في الحديث الذي رواه مسلم /ح./3005، وأحمد (23413)، والترمذي (3340).
    (6) نور اليقين في سيرة خير المرسلين : الخضري 27 - 28 بتصرف.
    (7) رواه الترمذي، ح./ 2517 عن أنس وسنده حسن.
    (Cool رواه البخاري، ح. /3364.
    (9) زاد المعاد، ابن القيم، 3/33.
    (10) البخاري، ح./ 7405، ومسلم، ح./2675.
    (11) صفوة الصفوة : ابن الجوزي : 1 /310 - 311.
    (12، 13) البخاري، ح. / 4418.
    (14) صحيح القصص النبوي : د. عمر الأشقر طبعة دار النفائس، 46.
    (15) تهذيب رجال دمشق : ابن عساكر، 8/164.
    (16) رسائل الثعالبي : الثعالبي، 81.
    (17) بهجة المجالس وأنس المجالس، 1 /321.
    (18) القيادة : جاسم المهلهل، 16.
    (19) صحيح البخاري، 8/ 130.
    (20) هذا الدين : سيد قطب، 64 - 65 بتصرف.
    (21) أزمتنا الحضارية في ضوء سنة الله في الخلق، د. أحمد محمد كنعان، 31 32 بتصرف.
    في الحلقة الأولى وقف الكاتب مع قـصـة إبراهيم - عليه السلام - وأحداثها سواءً مع ابنه وزوجه أو أبيه وقومه؛ يقتبس الدرس تلو الدرس، والعظة بعد العظة مفصلاً الكلام مع كل وقفة. وفي هذه الحلقة يستكمل الكاتب باقي الوقفات.
    -البيان-
    الشرط الكمي... الجماعية:
    تنمية روح الجماعية: عندما جاء إبراهيم عليه السلام في المرة الثالثة يزور ابنه، ويستطلع أحواله، وجده هذه المرة في الديار جالساً يبري نبله تحـت تلك الدوحة التي تركه تحتها صغيراً عندما جاء به أول مرة لتلك الديار، فقام إسماعـيـل عليه السلام فـصـنـعا ما يصنع الوالد بــالـولــــد والولد بالوالد من التسليم والمعانقة والتقبيل ونحو ذلك، ثــم قال إبراهيم عـلـيـه الـسـلام: (يــا إســمـاعيل إن الله أمرني بأمر!! قال: فاصنع ما أمركَ ربُكَ. قال: وتـعـيـنـنـي؟ قال: وأعينُكَ. قال: فإن الله أمرني أن أبني بيتاً ها هنا ـ وأشار إلى أكمةٍ(1) مـرتـفـعــةٍ على مـــا حـولـهــا ـ فعند ذلك رفع القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهـيـــم يـبـني، حتى إذا ارتفع البناء، جاءَ بهذا الحجر فوضعه له، فقام عليه وهو يبني ـ أثناء البناء، وهو مقام إبراهيم الآن ـ وإسمـــاعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان: ((رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أَنـتَ الـسَّـمِـيـــعُ العَلِيمُ)). [ البقرة: 127](2).
    من هذه الحادثــة، في تاريـخ تشـيـيد هـذا البيت، نستشعر كيف أن الخليل عليه السلام بعد أن عرّفـه الحـق ـ سبحانه ـ مكان البيت، ثم أوحى إليه ـ سبحانه ـ بأن يبنيه، ذهب إلى المكان، ثم طلب معونة ابـنـــه ـ عليـهـما السلام ـ والذي لم يتردد كالعهد به دائماً مع والده، فبادر وشاركه في بناء هذا الصرح العظيم.
    وهكذا انتقل هذا الـمـشــروع العظيم إلى مرحلة جديدة، وآن لحامل تلك المهمة العظيمة أن يـنـتـقـل بـهـــا إلى أرض الواقع؛ إلى التطبيق. لقد انبعثت من قلب الخليل عليه السلام ، وبوحيٍ من الله ـ سبحانه ـ، لتترجم إلى عمل عظيم، وكان من ضروريات الحركة في مجال الـتـطـبـيـق أن تـقـوم على عمل جماعي يشارك فيه كل من يقدر عليه، وذلك بعد إعداده وإعداد أسرته لتحمل التبعات.
    ومن هذه اللمحة الإبراهـيـمـيــة التربوية، يستشعر الداعية أهمية (الشرط الكمي) للمشروع الحضاري المنشود لإنقاذ الأمـــــة، أي ضــــــرورة العمل الجماعي، وأهمية انتقاء الأفراد المشاركين؛ فالتنفيذ يستلزم جماعية، والجماعية لا يقوم عليها إلا من أعد لها.
    وهذا الملمح يرسم تحذيراً يربأ بالداعية عن خـطـر الفردية، ويذكره بمصير الشاة القاصية، كما حذّر الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسـلــــم-: (إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية، وإياكم والشـعاب، وعليكم بالجماعة والعامة)(3).
    وهو أيضاً، يرسم ويخط أملاً عظيماً، وغاية مـنـشــــودة: (من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة)(4).
    الشرط المكاني... الأرض:
    أهمية وجود نقطة تجميع وانطلاق: وهـذا المرتكز الدعوي والمعلم المهم نستشعره مـن قوله ـ سـبـحـانـــــه ـ وهو يقص على أجيال حملة المنهج الإلهي في كل عصر وفي كل مكان تلك الخطوة الـمـهـمة في تاريخ هذا العمل العظيم، والمشروع الكبير: ((وَإذْ بَوَّاًنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ)) [الحج: 26]، ((وَإذْ يَرْفَعُ إبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ)) [البقرة: 127].
    هكذا أراد الحق ـ سـبـحـانـه ـ أن تكون الخطوة العظيمة في هذا العمل العظيم، أن يُحدد المكان المختار، وأن تُحدد له الأرض التي سيقام عليها.
    فلا بد من مركز تجميع وانـطــــلاق، مركز يجتمع حوله المؤمنون بالفكرة، ويثوبون إليه، ويحتمون به. وهو في الوقت نفـســـه مركز لانطلاق الفكرة؛ فراية الخير تحتاج إلى مكان توضع عليه، ويُعرف بها.
    وأي فكرة وإن كانت صحيحة وأصيلة لا بد لها من عوامل تجعلها فعالة، ولا بد لها من شروط تجعلها قابلة للتنفيذ.
    وأهم هذه الشروط هو وجود الأرض التي ستترجم عليها عملياً، ثم تنطلق منها.
    هكذا فهمها رائـــد الـدعاة وسيد الأولين والآخرين -صلى الله عليه وسلم-؛ وكان مشروع الهجرة الكبير إلى المديــنــة، ليجعل منها ـ وذلك بعد دراسة وتخطيط ـ مرتكزاً للانطلاق، ومركزاً للإشعاع الحضاري، وأرضــاً صالحة ثابتة راسية توضع على قمتها علامة التجميع ومنارة الهدى، وتثبت فوقها راية الخير.
    وعـلـى الـمـربـيـن أن يـركــزوا على أهمية هذا المَعْلم الدعوي العظيم الذي يعتبر من أخطر المنعطفات في سير الدعوة؛ لأهميته بالنسبة للفكرة ولحامليها.
    ظاهرة التآكل الروحي:
    تـنـمـيـة الجانـب الروحي: ورد عن الخليل عليه السلام في سياق قصة بناء البيت الحرام عديد من المواقف التي كان يداوم فيها على التوجه إليه ـ سبحانه ـ بالأدعية الطيبة التي شـهــدت لها الأحــداث بعدها بالقبول والاستجابة، منها: ((رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بــِــوَادٍ غَـيـْـرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)) [ابراهيم: 37].
    ومنها: ((وَإذْ قَالَ إبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ المَصِيرُ)) [البقرة: 126].
    ومنها: ((وَإذْ يَرْفَعُ إبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ)) [البقرة: 127 - 129].
    وماذا في ثنايا الدعاء؟ إنه أدب النبوة، وإيمان النبوة، وشعور النبوة بقيمة العقيدة في هذا الوجود. وهو الأدب والإيمان والشعور الذي يريد القرآن أن يعلمه لورثة الأنبياء وأن يعمقه في قـلـوبـهـم ومشاعرهم. إنه طلب القبول؛ هذه هي الغاية؛ فهو عمل خالص لله، والغاية المرتجاة من ورائه هي الرضى والقبول؛ والرجاء في قبوله متعلق بأن الله سميع الدعاء.
    ثـم تـأتــي الـدعــوة الـتـي تـكـشـف عن اهتمامات القلب المؤمن؛ فإن أمر العقيدة هو شغله الشاغل، وهو همه الأول، وهو الـشــعـور بنعمة الإيمان الذي دفعهما ـ عليهما السلام ـ إلى الـحـرص عـلـيـهــا في عقبهما، وإلى دعاء ربهما ألا يحرم ذريتهما هذا الإنعام، وهو نعمة الإيــمـان، وأن يريهم جميعاً مناسكهم، ويبين لهم عباداتهم، وأن يتوب عليهم؛ لأنه هو التواب الرحيم، وألا يتركهم بلا هداية في أجيالهم البعيدة بأن يبعث في أهل بيته رســولاً منهم، فـاسـتـجـاب الله لهما، وأرسل من أهل البيت محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-، وحقق على يديه الأمة المسلمة القائمة بأمر الله، الوارثة لدينه. وكانت الاستجابة بعد قرون وقرون؛ إن الدعوة المستجابة تتحقق في أوانها الذي يقدره الله بحكمته؛ غير أن الناس يستعجلون(5).
    من هذا الملمح الـطــيـــب، يمكننا أن نتبين أهمية تلك الدعامة المهمة التي ذكرناها تحت الركيزة الثامنة التي تـدعـو إلى وجوب (تنمية فن استمطار التوفيق الإلهي)، وذلك بالدعاء الخاشع، والثقة فيما عنده وحسن الظن به ـ سبحانه ـ ولذلك فإننا نقول: إن دعائم طريق الداعية ثلاث: الفكرة الربانية، والعمل الدؤوب، والدعاء الخاشع.
    إنها أسرار مباركة للدعــاء، لا يشعر بها إلا من مر بتجربة خاصة يستشعر فيها كيف أن الحق ـ سبحانه ـ يمن عـلـى عـبــــاده المتقربين إليه، المتذللين له بأنواع العبادة المختلفة، فيجدونها وقد استحالت من مجرد قوى معنوية، إلى قوى مادية ربانية ذات آثار ملموسة ومعلومة. وبذلك يُفتح للعبد أبواب متعددة من أبواب التربية الروحية.
    ولـقـد كـانـت وصايا الحبيب -صلى الله عليه وسلم- بالدعاء وآثار
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://osama.forum-canada.com
     
    قصة إبراهيم عليه السلام
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    منتدى اسامة البقارالمحامى ::  المنتدى الاسلامى  :: السيرة النبوية -
    انتقل الى: