من احكام القضاء الاداري بالنسبة لمنح الامتداد لأراضي المواطنين سلطه عمان

المدير العام

أحكام محكمة القضاء الإداري
قرارات منح الامتداد الصادرة بناء على سلطة تقديرية تخضع لرقابة المحكمة
أصدرت الدائــرة الاستئــنافيــة بمحكمة القضاء الإداري المشكلـة بـرئاســـة: فضـيلة ماجـد بن عبـدالله بن مبـارك العلـوي (رئيـس المحكـمة) ، وعضوية كل من: فضيلة المستشار سعـيـد بن خلف بن سالم التوبي ( نائب رئيس المحكمة) ، وفضيلة المستشار كمال بن البشير بن علي الدغاري، وفضيلة المستشار الطاهر بن بلقاسم بن سعيد العلوي، وفضيلة المستشار سعيد محمّد عطية أبو الخير، حكماً في الاستئناف رقم (185) لسنة (9) ق.س بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً، على النّحو المبيّن بالأسباب، وألزمت المستأنف ضده المصاريف عن درجتي التقاضي.
وتتلخص وقائع الدعوى في أنّ المستأنف ضدّه كان قد أقام الدعوى رقم (53/9ق) بعريضة أودعها أمانة سرّ المحكمة بتاريخ 3/1/2009م طالبا فيها الحكم له بإلزام المدعى عليها بإلغاء قرارها وجعل الأرض محل النزاع مصلحة عامة مع إلزامها بالمصاريف. وذكر المدعي شرحاً للدعوى أنّه يملك مسكناً على قطعة الأرض رقم (...) في منطقة ...، وقد علم بأنّ وزارة الإسكان منحت جاره المالك للقطعة رقم (...) امتداداً لها على سكّة تفصل بينهما وهي عبارة عن مجرى وادٍ ومدخل لمنزله، فتقدّم بشكوى للوزارة لكون ذلك الامتداد سوف يسبّب له الكثير من الضّرر، لأنّه سيؤثّر على حركة السيارات ومدخل مسكنه. ولمّا أعرضت الوزارة عن الردّ عليه بشكل واضح أقام دعواه بالطلبات سالفة الذكر. وبتاريخ 10/5/2009م أصدرت الدائرة الابتدائية المطعون في حكمها في الدعوى والقاضي: (بقبول الدّعوى شكلاً . وفي الموضوع: بعدم صحة القرار المطعون فيه، وألزمت الوزارة المدّعى عليها بالمصاريف).
وقد أسّست الدائرة الابتدائية قضاءها بعدم صحّة القرار المطعون فيه على أنّ قرار التمديد لجار المدّعي جاء مخالفاً لقانون الأراضي والقانون المالي ولقانون تنظيم البلديات الإقليمية ودليل التخطيط العمراني، وهو ما يتوافق مع التعليمات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم - حفظه اللّه ورعاه – بعدم تحويل المرافق إلى ملكيّات شخصيّة، ذلك أنّ الوزارة قرّرت التصرّف في المرافق وممرّ المشاة والشوارع الفرعية وإحرامات الطريق الذي لا يتّسع إلاّ لسيارة واحدة بعرض (7,5) متر بدل (10) أمتار، دون أن تثبت أنّها استصدرت السّند القانوني لذلك واكتفت بموافقة الجار فقط.
ولمّا لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى وزارة الإسكان فقد طعنت عليه بالاستئناف الماثل طالبة الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذه، وفي الموضوع بإلغائه والقضاء مجدّدا برفض الدّعوى.
وقد أودع المستأنف ضده مذكرة بالرد على تقرير الاستئناف ضمنها طلب الحكم برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وذلك على سند من أنّ له مصلحة وصفة في إقامة الدعوى الماثلة لأنّ هناك ضررا محدقا به عند تضييق مجرى الوادي، ولأنّ باب منزله يوجد أمام السكّة ولن يستطيع بعد التمديد إدخال السيارة بسهولة. وأضاف المستأنف ضدّه أنّ الامتداد الذي ذكرت المستأنفة أنها منحته له فهو من جهة الجبل وذلك سعياً لحماية منزله من فيضان الوادي.
وقد ردت الدائرة الإستئنافية على دّفع الجهة المستأنفة بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة والصفة في القائم بالدعوى، بأنّ المستقرّ عليه في قضاء هذه المحكمة أنّه يكفي لقبول دعوى عدم صحّة القرار الإداري توافر شرط المصلحة الشخصيّة المباشرة بأن يكون رافع الدعوى في حالة قانونية خاصّة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل هذا القرار مؤثّرا في مصلحة جديّة له، وأنّ قيام شرط المصلحة في تلك الدعوى يعني توافر شرط الصّفة. وإذ ثبت للدائرة الإستئنافية من خلال الأوراق أنّ المستأنف ضدّه أقام دعواه طعناً في قرار الامتداد الصّادر لجاره على أساس أنّه يقيم في منزل مقابل للأرض التي منح منها الامتداد ويفصل بينهما شارع، وأنّه يستعمل هذه الأرض للدخول بسيّارته إلى منزله والخروج منه، فمن ثمّ فإنّه تتوافر فيه المصلحة والصفة للطعن في ذلك القرار أمام هذه المحكمة، ويتعيّن تأسيساً على ذلك رفض هذا الدفع.
واستخلصت الدائرة الإستئنافية من الدعوى أنّ مثار النزاع في هذا الاستئناف ينحصر في الفصل في مدى مشروعية قرار الجهة المستأنفة بمنح جار المستأنف ضدّه امتداداً لقطعة الأرض رقم (…) بمربّع في … بمسقط.
واستحضرت الدائرة الإستئنافية في حكمها ما هو ثابت في قضاء هذه المحكمة من أنّ منح الامتداد لأراضي المواطنين هو من اختصاص جهة الإدارة تجريه بما أناطها به القانون من سلطة تقديريّة، وأنّ القرارات التي تصدر عن الجهات الإدارية في نطاق السلطة التقديريّة تخضع لرقابة القضاء الإداري الذي يقضي بعدم صحّتها كلّما ثبت لديه أنّ القرار المطعون فيه صدر مخالفاً للقانون أو كان قائما على أسباب غير موجودة ماديّا أو أنّ الجهة الإدارية المصدرة له أساءت استعمال سلطتها.
وتبيَّن من مطالعة الأوراق أنّ الجهة المستأنفة منحت المواطن/ .... امتداداً من قطعة الأرض رقم (...) بمربع ... في... بمسقط، وقد ثبت من خلال المذكرات التي قدّمتها الجهة المستأنفة في الدعوى، والرسم المساحي والرسم التوضيحي للموقع – وعلى خلاف ما يدّعيه المستأنف ضدّه - أنّ القطعة التي منح منها الامتداد ليست سكّة وإنّما هي عبارة عن أرض فضاء مغلقة من ثلاث جهات، وأنّها لا تجاور أرض المستأنف ضدّه، وإنّما تقع مقابل أرضه ويفصل بينهما شارع قائم بعرض (7,5) متر. كما أنّ أوراق الدعوى جاءت خالية ممّا يقيم الدليل على أنّ الامتداد الممنوح لجاره قد أدّى إلى التقليص من عرض الشارع الفاصل بينهما أو أنّ القطعة التي منح منها الامتداد هي مجرى وادٍ، ومن ثمّ فإنّ ما يدّعيه المستأنف ضدّه من أنّ منح ذلك الامتداد ألحق به ضررا إنّما كان مجرّد قول مرسل لا يستند إلى أيّ دليل، سيما وأنّ استغلاله لتلك الأرض - رغم أنها ليست سكّة ولا تتبع الشارع - لإدخال السيارة إلى منزله وإخراجها لا يكسبه حقّا في منع الجهة المستأنفة من منحها للغير كامتداد متى توافرت الشروط المتطلّبة قانونا. وتأسيساً على ما تقدّم فإنّ قرار منح الامتداد المطعون فيه – المتّخذ في نطاق السلطة التقديرية الممنوحة للجهة المستأنفة - مطابق لصحيح حكم القانون، ولم يثبت أنّ الجهة المستأنفة أساءت فيه استخدام سلطتها، ومن ثمّ تكون الدعوى المقامة طعناً في ذلك القرار حقيقة بالرّفض. وحيث إنّ الدائرة المطعون في حكمها لم تأخذ بهذه النتيجة وقضت بعدم صحّة القرار المطعون فيه، ومن ثمّ يكون حكمها قد صدر مخالفاً لصحيح حكم القانون، ممّا يتعيّن معه الحكم بإلغائه والقضاء من جديد بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً.
يستفاد من هذا الحكم الآتي :
1ــ يكفي لقبول دعوى عدم صحّة القرار الإداري توافر شرط المصلحة الشخصيّة المباشرة بأن يكون رافع الدعوى في حالة قانونية خاصّة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه ، من شأنها أن تجعل هذا القرار مؤثّراً في مصلحة جديَّة له، وأنّ قيام شرط المصلحة في تلك الدعوى يعني توافر شرط الصّفة.
2 ــ أنّ منح الامتداد لأراضي المواطنين هو من اختصاص جهة الإدارة تجريه بما أناطها به القانون من سلطة تقديريّة، وأنّ القرارات التي تصدر عن الجهات الإدارية في نطاق السلطة التقديريّة تخضع لرقابة القضاء الإداري للتحقق فيما إذا كانت مخالفة للقانون ، أو كانت مبنيَّة على أسباب غير موجودة مادياً ، أو أن تسيء الجهة المصدرة للقرار استعمال سلطتها ، ومتى انتفى ذلك يكون القرار سليماً ويحكم بصحته

» بعض احكام محكمة القضاء الاداري
» كتاب فى .. خصوصية القضاء الاداري
» حكم القضاء الاداري بدعم حرية الانترنت
» المبادي القانونية في حكم محكمة القضاء الاداري حق اغلاق المدونات
» احدث احكام النقض بشأن الامتداد للاحفاد